لقاءان علميان للطلبة الباحثين مع الباحث المحقق الهندي الأستاذ محمد عزير شمس في الرباط في مقر الرابطة المحمدية للعلماء.

نظمت الرابطة المحمدية للعلماء لقاءا علميا للطلبة الباحثين في الدراسات الإسلامية مع الباحث المحقق الهندي الأستاذ محمد عزير شمس في مقر الرابطة بالرباط بتاريخ 20 - 21 اكتوبر 2009. في موضوع الكتاب العربي المخطوط في الهند . وكذا تجربة الأستاذ في التحقيق .
اللقاء الاول : في موضوع المخطوط العربي في الهند. (20 أكتوبر 2009).


بعد تقديم موجز للدكتور عبد اللطيف الجيلاني رئيس مركز البحوث وإحياء التراث الإسلامي التابع لرابطة العلماء ، وكلمة للدكتور محمد شوقي بينبين ، تناول الكلمة الأستاذ المحقق محمد عزير شمس للحديث عن المخطوطات العربية الإسلامية بالهند وذلك في ثلاثة محاور أساسية وهي على التوالي :

أولا : كيف وصل المخطوط العربي إلى الهند؟ .
ثانيا : كيف حافظ المسلمون في الهند على هذا التراث وكيف اعتنوا به ؟.
ثالثا : إسهام علماء الهند في نشر التراث الإسلامي المخطوط .
أولا - كيف وصل المخطوط العربي إلى الهند ؟

وصلت الخطوطات العربية إلى بلاد الهند في فترة مبكرة جدا ترجع في غالبها إلى القرن الثالث الهجري فما فوق، وقد اجتمع منها عدد كبير يقدر بمائة ألف مخطوط متفرقة في المكتبات المتواجدة في مختلف مناطق الهند ، وقد زار منها الأستاذ محمد عزير شمس أكثر من خمس وعشرين . واهم هذه المكتبات من حيث الأهمية ذكر المحاضر ما يلي :
مكتبة خدا بخش: في مدينة بتنا Batna في ولاية بيهار، وتضم عدد كبيرا من المخطوطات العربية وأسسها مولانا خذا بخش الذي استوطن الهند قادما من بلاد فارس .

مكتبة رضا برامبورت، حيث كانت إمارة إسلامية، وكان أمراؤها متحمسين لجلب المخطوطات واستنساخها، وقد جمعت هذه المكتبة مخطوطات كثيرة في علوم شتى .

المكتبة الآصفية في حيدر أباد والتي أنشأها أمراء الدولة الآصفية، وكانت سباقة إلى فكرة نشر التراث الإسلامي.
ثم أنشأت دائرة المعارف العثمانية وكانت تنفق عليها الدولة ما زالت مستمرة في عملها وقد نشرت مجموعة كبيرة من المخطوطات شملت مختلف الفنون والعلوم الإسلامية من تفسير وحديث وفقه وعربية وفلسفة ورياضيات وغير ذلك من الفنون .

وتوجد مكتبات أخرى منها المكتبة السعيدية التي تضم أكثر من ثلاثة آلاف مخطوط أغلبها بالعربية أسسها المفتي محمد سعيد ومكتبة أخرى في بومباي في جامع قديم تحتوي مكتبته على مخطوطات نفيسة لكنها لم تفهرس بعد .

وعلى العموم فقد كان دور الأمراء ملحوظا في جمع هذا التراث الضخم من المخطوطات، فحيثما نشأت إمارة إسلامية في الهند إلا أنشأت خزانة، زيادة على جهود كبار العلماء الهنود في هذا الباب ، فقد كان الحرص شديدا على جمع المخطوطات وكان الحصول عليها يتم بطرق مختلفة منها الشراء مهما كان ثمنها، أو استنساخها .

ثانيا : كيف تم الحفاظ على التراث المخطوط ؟.

لعبت الجامعات والمعاهد الدينية دورا مهما في نشر اللغة العربية وتعليمها ، وكذا نشر التراث المخطوط ، فقد كان إلى جانب التعليم الحديث الذي كان يرعاه الاستعمار الانجليزي ، تعليم مواز يتمثل في المعاهد الدينية التي كانت قوية بحيث انتشر خريجوها في مختلف أنحاء الهند، ومعظم العلماء والباحثين في التراث الإسلامي من خريجي هذه المعاهد التي كانت تهتم بدراسة العلوم الشرعية واللغة العربية ، إلى جانب العلوم العقلية وكذا اللغة الإنجليزية .

ومن اهم هذه الجامعات " دار العلوم وكانت تابعة لندوة العلماء أنشات في 1316 هـ في لكنو، وكان القائم عليها العلامة محمد شبلي النعماني صاحب المؤلفات الكثيرة، ومن تلاميذه سليمان الندوي، ومنها تخرج كل العلماء الملقبون "بالندوي " .
والجامعة السلفية : ولا يقصد بالسلفية عندهم المعنى المقصود في المشرق، بل يقصدون كل السلف بمختلف انتماءاتهم ومذاهبهم من أشعرية وماتريدية وحنبلية ، وفيها درس الأستاذ محمد عزير سمش.

جامعة الإصلاح : وهذه الجامعة تتميز بدراسة القرآن والتفسير على طريقة العلامة عبد الحميد الفراهي إليها ينتسب الإصلاحيون وأشهرهم محمد أجمل أيوب الإصلاحي .

جامعة الفلاح : انشأتها الجماعة الإسلامية في التسعينات .

ومناهج التدريس في هذه الجامعات تقوم على الفهم والاستيعاب والمناظرة وليس الحفظ، لذا تجدهم مولعين بكتب فن المناظرة.

ثالثا : إسهام علماء الهند في نشر التراث المخطوط .

إن الإسهام الكبير الذي حققه علماء الهند أكبر من أن نستقرأه في هذه العجالة.

كان لدائرة المعارف العثمانية الفضل الكبير في تحقيق ونشر أكثر من مائتي مخطوط وكانت عنايتهم بضبط النصوص وتصحيحها كبيرة، وتجلت هذه الجهود من خلال عدد من المطابع التي تخصصت في نشر التراث الإسلامي ، كما قامت جمعية إحياء المعارف النعمانية بنشر وتحقيق تراث الحنفية ونشروا أمهات كتبهم . وكذلك جهود المطبعة السلفية في بومباي، وإدارة البحوث الإسلامية .
أما أهم المحققين الكبار فمنهم ، الشيخ عبد العزيز الميمني، وله تحقيقات كثيرة ، وكان ينشر أعماله في العالم العربي لذا اشتهرت وانتشرت ، ومما حقق كتاب الأفعال لابن القطاع ، وجمهرة اللغة لابن دريد …

والسيد سليمان الندوي الذي أنشأ دار المصنفين، وأبو محفوظ الكريم المعصومي له مقالات وبحوث وتحقيقات جمعت ونشرت، والدكتور حميد الله الذي استقر في باريس وكان أستاذا في الجامعة العثمانية في حيدر أباد ومؤلفون غيرهم كثيرون .

ومن الكتب التي نشرت على سبيل المثال : كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال للمتقي الهندي، والفتاوى الهندية، ….



اللقاء الثاني مع المحقق الشيخ محمد عزير شمس:


حول تجربته في تحقيق المخطوات .



بعد ان أشار المحاضر في عجالة إلى مساره الدراسي ، وكيف درس وتعلم العربية في المعاهد والجامعات الدينية في الهند وتخرجه من جامعة بنارس بالهند سنة 1976، وكذا حصوله على الماجستير ثم إعداده لموضوع الدكتوراه الذي لم يناقش لأسباب لم يذكرها، وكلا البحثين الأخيرين في الأدب العربي في شبه القارة الهندية .

أنتقل المحاضر إلى الحديث عن البحث العلمي وخاصة تحقيق التراث المخطوط ، الذي يستلزم أولا وقبل كل شيء أن يكون الباحث واسع الإطلاع كثير القراءة في مختلف مصادر التراث الإسلامي ومما نصح به انطلاقا من تجربته وقراءاته ما يلي :
الاهتمام بكتب التراجم . قراءة كتب الأدب العربي لأنها تساعد على اكتساب مهارة الكتابة والقدرة على التعبير .
قراءة كتب الفلسفة والعلوم العقلية .
المعرفة باللغة الإنجليزية أو إحدى اللغات العالمية لأنها تفيد في الإطلاع على الدراسات المعاصرة والمنشورة بهذه اللغات .
وكانت أول صلته بعالم المخطوطات ذهابه بعد تخرجه من جامعة بنارس إلى مكتبة خدار بخش حيث تم تكليفه بفهرسة مخطوطاتها بطلب من مديرها ، وهناك اطلع على كثير من المخطوطات والنوادر فكان ذلك فرصة للتمرس على قراءتها والتعرف على أنواع الخطوط ، كما كان ينسخ ويقارن بين النسخ .

وعليه فإن الاشتغال بمجال تحقيق المخطوطات يحتاج إلى مؤهلات علمية على رأسها :

معرفة الخطوط وأنواعها . والتمرس على قراءتها خاصة وأن كثيرا من المخطوطات مكتوبة بخط مؤلفها، وخطوط أكثر المؤلفين رديئة.
• أن يكون المحقق مطلعا على موضوع العلم الذي ينتمي إليه المخطوط .
معرفة المؤلف إضافة إلى معرفة موضوع المخطوط.
• المعرفة باللغة العربية والتمرس على القراءة لكبار الكتاب والأدباء والشعراء العرب.
• تحقيق نسبة الكتاب إلى المؤلف ، وتحقيق عنوان المؤلف، وقد وقع كثير من الباحثين في أخطاء شنيعة منها نسبة المخطوط على غير مؤلفه أو إخراجه بعنوان غير عنوانه الصحيح.
معرفة فهارس المخطوطات والتمييز فيها بين الجيد وما دون ذلك .

وإذا تحققت هذه الشروط ووقع الاختيار على مخطوط لتحقيقه ، فأول خطوة هي عملية جمع النسخ، ثم تعتمد واحدة باعتبارها أصلا ومقابلتها على باقي النسخ، ومهمة المحقق هي إخراج النص كما وضعه المؤلف أو بصورة أقرب إلى ذلك ما أمكن، وليس إثقاله بالهوامش غير الضرورية التي لا تزيد النص أية قيمة.
كما يتعين تعميق النظر في أفكار الكتاب للتوصل إلى مدى أصالة المؤلف فيما يطرحه من أفكار أم انه اعتمد على غيره فكثير من الكتب إنما ضمت في حقيقتها كتبا أخرى أقدم ، كمثال على ذلك كتاب المازري في شرحه على مسلم فقد نقل كثيرا من فوائده عن أبي علي الجياني في تقييد المهمل دون أن يشير إلى المصدر . وهذه الكتب المنقول منها قد تصبح بمثابة نسخ تعين على تحقيق المخطوط .

كتابة مقدمة النص المحقق والتي يجب أن يركز فيها الباحث على ذكر معلومات جديدة لم تذكر من قبل لا ترديد معلومات معروفة ومشهورة مذكورة في كتب أخرى .

من أعمال الأستاذ محمد عزير شمس العلمية :

المؤلفات :
1- حياة المحدث شمس الحق وآثاره( طبع طبعتين في بنارس بالهند)
2- كتاب آخر بالأردية عن حياة المحدث شمس الحق (طبع في كراتشي بباكستان)
3- أعلام أهل الحديث في الهند (بالأردية) غير مطبوع
4- رسالة في حكم السبحة (بالأردية)
5- مؤلفات الإمام ابن قيم الجوزية

التحقيقات:
1- رفع الألتباس عن بعض الناس للعظيم آبادي
2- غاية المقصود شرح سنن أبي داود ، للعظيم آبادي ( المجلد الأول)
3- مجموعة فتاوى الشيخ شمس الحق العظيم آبادي ( بالأردية والفارسية)
4- ردّ الإشراك ، لاسماعيل بن عبد الغني الدهلوي
5- تاريخ وفاة الشيوخ الذين أدركهم البغوي ، لأبي القاسم البغوي
6- جزء في استدراك أم المؤمنين عائشة على الصحابة، لأبي منصور البغدادي
7- روائع التراث ( عشر رسائل نادرة في فنون مختلفة)
8- بحوث وتحقيقات للعلامة عبدالعزيز الميمني
9- إتحاف النبيه بما يحتاج إليه المحدث والفقيه، لولي الله الدهلوي(تعريب)
10- مجموعة رسائل الإمام ولي الله الدهلوي ( غير مطبوع)
11- مجموعة رسائل المحدث شمس الحق العظيم آبادي( غير مطبوع)
12- الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية (بالاشتراك)
13- تقييد المهمل وتمييز المشكل ، لأبي علي الجياني ( بالاشتراك)
14- قاعدة في الاستحسان ، لشيخ الإسلام ابن تيمية
15- جامع المسائل (5 مجلدات ) لشيخ الإسلام ابن تيمية
16- الرسالة التبوكية ، لابن قيم الجوزية
17- تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل ، لشيخ الإسلام ابن تيمية ، (بالاشتراك).

مصادر إضافية في الموضوع :

ترجمة الأستاذ محمد عزير شمس في ملتقى أهل الحديث إضافة إلى حوار له مع أعضاء ملتقى أهل الحديث.
المخطوطات العربية في الهند في موسوعة المعرفة .

ونفس الموضوع على موسوعة ويكيبيديا .

تحديث : تقرير عن اللقاء العلمي في موقع الرابطة المحمدية للعلماء.

إرسال تعليق

0 تعليقات